في إطار
أنشطته العلمية نظم فريق البحث في علم مقارنة الأديان
التابع لمختبر الخطاب والإبداع والمجتمع يوم 26 ماي يوما دراسيا بعنوان: "الحروب
الدينية والشرائع السماوية"، وقد سعى هذا اليوم كما جاء في ديباجتة إلى
محاولة ترسيخ مفهوم الحوار والتعايش السلمي بين الأديان، وذلك عن طريق مجموعة من
المداخلات العلمية التي تصبو إلى توضيح بعض المفاهيم مثل: الحرب والعنف والإرهاب،
وإزالة اللبس والغموض عن مجموعة من المغالطات التي تنبع من الفهم السقيم للدين،
والتنزيل غير المنضبط لقواعد بعض النصوص الدينية المرتبطة بالعنف.
كما
سعى هذا اليوم الدراسي إلى تسليط الضوء على أصل العلاقة التي ينبغي أن تجمع بين
أتباع الديانات هل هي الحرب أم السلم؟ وهل كانت الحروب التاريخية تنبع من دوافع
دينية محضة أم أنها كانت ترتبط بمصالح اقتصادية وسياسية؟ وكيف كانت وظيفة الدين في
الحروب التاريخية؟
وقد إستطاعت مداخلات
الحضور العلمية الإجابة عن هذه الإشكالات المفاهيمية التي كان الهذف منها التعرف
من جهة على الحروب الدينية، والعنف،
والإرهاب، مع بيان موقف الأديان السماوية من الحرب، وكذا بيان أصل العلاقة
بين البشر: سلام أم حرب، مع انتقاء بعض النماذج التاريخية للحروب الدينية.
الجلسة الإفتتاحية:
وقد افتتح
اليوم بجلسة افتتاحية قام بتسييرها الدكتور (عبد الله الغواسلي المراكشي) رئيس
شعبة اللغة العربية، وضمت كل من الدكتور (سعيد كفايتي) رئيس فريق البحث، والدكتورة
كريمة (نور عيساوي) رئيسة اللجنة المنظمة، وقد تم افتتاح اليوم بتلاوة آيات
بينات من الذكر الحكيم تلاها الباحث (هشام الحايك)، كما نوه الدكتور عبد الله
الغواسلي المراكشي بأنشطة الفريق، وشجع الطلبة الباحثين على المضي قدما في البحث
وغوص غماره، ثم مرر الكلمة للدكتور (سعيد كفايتي) الذي أوضح أن الهدف من وراء مثل
هذه الأنشطة هو التعريف بعلم مقارنة الأديان والمجاهدة من أجل أن يكون شعبة مستقلة
بالجامعة المغربية، كما بين أهمية موضوع الحرب الدينية وأثرها في المجتمع وضرورة
دراسة هذه الظاهرة قصد تصحيح المسار، وأكدت الدكتورة كريمة (نور عيساوي) في
مداخلتها إلى أن الحرب سواء كانت دينية أم غير ذلك، فإنها أمر مكروه من قبل
المجتمع لكونها تجر الخراب.
الجلسة
العلمية الأولى:
وقد
توزعت محاور اليوم الدراسي على خمس جلسات علمية استهلت الأولى منها للتحديد
المفاهيمي لمصطلح الحرب الدينية، جاءت بعنوان؛ "الحرب:
مفهومها وقواعدها" ترأسها الدكتور سعيد كفايتي رئيس فريق البحث في
علم مقارنة الأديان، فكانت مداخلة الباحث (البشير أسعير) حول "أخلاقيات الحرب في الشرائع السماوية"، تناول فيها التعامل
المسيحي في الحرب والتعامل الإسلامي في الحرب، وكانت مداخلة الباحث (عبد الصمد
علمي شنتوفي) حول "قواعد السلام العرفية في قوانين الحرب الدولية"، فصبت
أكثر في الجانب المتعلق بالقانون الدولي الإنساني، وأشارت إلى أن القوانين والاتفاقيات الدولية التي تعمل على حماية الانسان أثناء
الحروب لم تنشئ بداية من إتفاقيات صاغها الفكر الإنساني، بل استمدت مبادئها
ومصادرها من الشرائع السماوية التي كان لها السبق في وضع أحكام إنسانية أثناء قيام
الحروب، ولا جدال بين فقهاء القانون الدولي، على أن "القواعد العرفية"
للقانون الدولي الإنساني، المستمدة من الكتب السماوية، هي أحد أهم مصادر قوانين
الحرب الدولية التقائية، اذ تعرف توافقا بين معظم شعوب العالم على مختلف عقائدهم
نظرا لعقلانيتها ومنطقها الإنساني السليم، وقد كانت مداخلة الباحث المصري (شكري منصور) حول "أخلاقيات
الحرب عند اليهود" التي عرض فيها أمثلة على عدم رحمة بني إسرائيل في حروبهم
المقدسة من خلال نصوص توراتية، وقامت الباحثة (يطو وهمي) بتوضيح الفرق بين "مفهوم
الحرب المقدسة والجهاد والإرهاب"، وركز الباحث (جمال صوالحين) على "مفهوم
الحرب المقدسة في الديانة اليهودية".
الجلسة العلمية الثانية:
أما
الجلسة العلمية الصباحية الثانية والتي ترأستها الدكتورة (حنان السقاط)، فقد
تمحورت حول "قضايا مختلفة تخص الحروب الدينية" منها ما جاء في مداخلة
الباحث (مصطفى العلام) الذي تحدث عن الحروب الدينية كوسيلة لفرض عقيدة الدول والجماعات بالحديد والنار، حيث
استند الداعون إلى خوضها على مجموعة من النصوص الدينية، وفسروها تفسيرا حرفيا، أو
أولوها تأويلا مجانبا للصواب من أجل تبريرهم خوض هذه الحروب (مايحدث في بلاد الشام
أنموذجا)، ونفس الأمر سيتكرر في آخر الزمان حيث تتحدث النصوص الدينية لمختلف
الديانات عن حروب مستقبلية ستقع أيضا ضمن أحداث النهاية، ويتعلق الأمر بمعركة 'غضب
الرب' بالنسبة للديانة اليهودية، ومعركة 'هرمجدون' بالنسبة للمسيحية البروتستانتية
الأمريكية، و'الملحمة الكبرى' بالنسبة للديانة الإسلامية، من جهة أخرى تطرق الباحث (حفيظ اسليماني) لموضوع آخر متعلق بنظرة
اليهود للمسلمين والعكس، بحيث وضح العداء المتبادل بينهما والذي نتج عنه حروب
كثيرة عبر التاريخ، وركز الباحث (عبد الحي الوادي) على موضوع "حرب هرمجدون
بين المسيحية والإسلام"، أما الباحث (يونس إمغران) فإنه تحدث عن قضية فكرية
أخرى تتعلق "بالصناعة الإعلامية لقضية الإرهاب" ونفى أن يكون للإرهاب
صناعة دينية، وتحدث الباحث (محمد زركان) عن الأساطير التي وظفها بنو إسرائيل
لتبرير حروبهم من أجل فلسطين، وتحدث (هشام المباركي) عن قضية "جدلية الحرب
والسلام في المذاهب اليهودية المعاصرة" ناقش فيها اليهودية الإصلاحية أنموذجا،
هذاالمذهب اليهودي الذي يرى أن السلام سيتحقق عن طريق أفعال اليهود المسيحانية دون
الحاجة لمجيء مسيح مخلص.
وفي
الجلسة العلمية أول مساء يوم الخميس 26 ماي 2016، قامت الدكتورة (حبيبة أحادوش)
بتسيير جلسة تمحورت حول "قضايا التطرف والإرهاب"، فكانت المداخلة الأول
حول "التكفيريين الخوارج والرد عليهم بأدلة قرآنية" من قبل الباحث (أحمد
علاوي)، وكانت مداخلته باللغة الانجليزية؛
"Concepts Concerning the takfirist thought in Islam"
وفي المداخلة الموالية قام الباحث (رشيد مستقيم)
بعرض قراءته لكتاب "التطرف الديني لشيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق"،
وكان كتاب "بين الاستشهاد والإرهاب: وجهة نظر معاصرة"
للدكتورة (حنان السقاط) هو موضوع قراءة الباحث (محمد مبشوش)، وقام الباحث (مصطفى
بنحدو) بتبيين "موقف الأديان من الإرهاب والعنف"، واختتمت الجلسة بمداخلة للباحث (يوسف لوميم) باللغة
الانجيليزية حول دور التعددية الثقافية في الحد من ظاهرة التطرف الديني؛
"The Necessity of Intercultural Communication to Reduce Religious
Extremism"
قام الدكتور (سعيد كفايتي) بتسيير جلسة علمية ثانية تمحور حول "قضايا السلم والتعايش" والتي قدم فيها كل من الباحثين أدلة على
رغبة الأديان في خلق جو من التعايش الديني فكان عنوان مداخلة الباحث (مصطفى
الطوالي) حول الأديان السماوية والبحث عن السلام باللغة الانجليزية؛
Religions and the Seek for Peace
وكانت مداخلة الباحث (مصطفى
خاضري) حول "التعايش السلمي بين الأديان".
وفي الجلسة العلمية الثالثة المسائية التي قامت الدكتور كريمة (نور
عيساوي) بتسييرها عرض "نماذج حول حروب دينية تاريخية"، فكانت البداية مع
الباحث (بدر الحمومي) الذي انتقل مباشرة ليحاول بالأدلة الإجابة عن إشكالية طرحها
حول ما إذا كانت الحرب اليهودية الرومانية حربا دينية أم قومية فكانت إجابته أن
هناك تداخل ما بين ما هو ديني وما هو قومي في تلك الحرب، ثم انتقل الباحث (منير
تمودن) إلى فترة تاريخية أخرى وهي فترة تغول الكنيسة الكاثولكية وحربها ضد الكنيسة
الدوناتية محاولة فرض مذهبها، وأما الباحث (حميد بن فارس) فقد تقدم قرونا إلى
الأمام بعرضه لقضية "حرب المسلمين ضد بني قريظة" ورد على الشبهات
المثارة حول تلك الحرب بالأدلة التارخية والنصوص الدينية، وأوضح أن تلك الحرب كانت
ضرورية، كما تعرض الباحث (هشام الحايك) لقضية لاحقة وهي قضية "الحروب
الصليبية" وبين بالأدلة على كونها حرب جيوسياسي لا حرب باسم المسيح عليه
السلام.
وفي الأخير تم ختم فعاليات اليوم الدراسي بكلمات شكر وعرفان ختامية
لكل من رئيسة اللجنة المنظمة ورئيس فريق البحث في علم مقارنة الأديان، وتم توزيع
الشواهد وأخذ صور جماعية.