ملخص
لأخطر ما جاء في تقرير الأمين العام -19 أبريل 2016- عن الحالة فيما يتعلق بالصحراء الغربية
بعثة الأمم المتحدة:
اسم البعثة المرسلة من طرف الأمم المتحدة لحل
نزاع الصحراء هو: Mission des Nations Unies pour l'Organisation d'un Référendum
au Sahara Occidental (MINURSO)، و لهذا يكون
وصفها في تقرير الامين العام ب : " بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في
الصحراء الغربية " وصف مسلم به، لكن خطورة هذا الإسم على المغرب في هذا
التقرير بالذات أن الأمين العام للأمم المتحدة حدد حصرا مهمة بعثة المينورسو بأن:
( مجلس الأمن أنشأ البعثة لرصد تنفيذ وقف إطلاق النار بين الطرفين، والحفاظ على
الوضع العسكري القائم والقيام، رهنا بوافقة الطرفين، بتنظيم استفتاء لتقرير
المصير.) فعبارة لتنظيم استفتاء
في الصحراء هي عبارة
خارج سياق قرار المغرب النهائي حول الملف بكون مبادرة الحكم الذاتي هي السبيل
الوحيد المفضي إلى حل نهائي، وأقصى ما يمكن للمغرب أن يقدمه، ولأن عرف الأمم
المتحدة دأب على أن اسم بعثاتها يشتق من مهمتها في إطار الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، لذلك
كان على المغرب ولازال عليه طلب تغيير إسم هذه البعثة التي أسست بقرار أممي لمجلس
الأمن للأمم المتحدة سنة 1991 عندما غير موقفه من جدوى استفتاء لتقرير المصير وطرح
بدلا من ذلك مقترح الحكم الذاتي بالصحراء المغربية كاقصى ما يمكن منحه للأقاليم
الصحراوية.
فحسب ما جاء في
تقرير الأمين العام تعمل البعثة الأممية المرسلة على: (ايجاد حل سياسي يكفل
لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره بعد إجراء إستفتاء)، وليس على التوصل إلى صيغة
جديدة للحوار أو العمل وفق معايير أخرى وبلورة أفكار جديد لتمتيع سكان الأقاليم
الجنوبية للمغرب بحكم ذاتي.
هذا الإشكال له
ارتباط مع ما جاء في تقرير الأمين العام لمجلس الأمن عندما قال: "..وطرح
المحاورون المغاربة الذي اجتمع بهم مبعوثي الشخصي موقفين من مواقفهم القائمة منذ
أمد طويل كأفكار جديدة..." دلالة هذه العبارة تعني أن المغرب حسب وجهة
نظر الأمين العام ومبعوثه كريستوفر روس مازال موقفه متعنتا لمواقف قديمة غير مرن
في حواره من أجل التقدم في ملف المفاوضات، وهذه طبعا وجهة نظر غير صحيحة للأمين
العام لأن الموقف القديم القائم منذ أمد طويل هو ما تدعو إليه البوليساريو بالدعوة
إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير، وأن المواقف الجديدة المتقدمة لإيجاد حل للنزاع
هي ما يطرحه المغرب من مبادرة للحكم الذاتي وإعادة إجراء استفتاء وفق معايير
جديدة، أما طلب المغرب لإدخال الجزائر كطرف ثالث في النزاع ليس موقف المغرب وإنما
موقف المنطق وطبيعة النزاع.
ويكشف لنا التقرير شيئا
بالغ الأهمية بخصوص فلسفة المغرب حول مبادرة الحكم الذاتي، بحيث أن وجهة نظر
المغرب لا ترفض بالإطلاق مسألة تقرير المصير إذا كانت ستمر عبر مبادرة الحكم
الذاتي، و إنما ترفضها كحل مباشر مستقل عبر إجراء عملية رسمية طبقا للقانون الدولي.
وقد جاء في التقرير:
( ..وذكر السيد بوريطة أن تقرير المصير، من وجهة نظر المغرب، يمكن أن يتحقق
بالممارسة المستمرة لحقوق الإنسان، و لاسيما السعي إلى التنمية الإقتصادية
والإجتماعية والثقافية، بدلا من أن يتحقق بإجراء عملية رسمية.).
حادث إطلاق النار من طرف الجيش المغربي وعثور البعثة الأممية على جثة
صحراوي:
جاء في الصفحة 2 و3 من التقرير أن: (..ففي
مساء يوم السبت 27 فبراير 2016، أبلغت جبهة البوليزاريو البعثة بحادث إطلاق النار
قرب ميجيك في الشريط العازل المنزوع السلاح شرقي الجدار الرملي. وفي 29 فبراير،
عثرت البعثة بعد أن قامت بما يلزم من تدابير إزالة الألغام للوصول إلى عين المكان،
على جثة شخص واحد وأربعة جمال ميتة. وأكد الجيش الملكي المغربي أنه أطلق 13 عيارا
ناريا "في إتجاه الجمال". وقد استعادت العبثة جثة ذلك الشخص، الذي حددت
هويته جبهة البوليزاريو باعتباره مدنيا صحراويا وأحد الجمالين، وسلمتها لأسرة
المتوفي. وفي 29 فبراير، كتب إلي الممثل الدائم للمغرب، عمر هلال، ليقدم تفاصيل عن
الحادث ويؤكد من جديد ان أعيرة نارية أطلقت – بعد توجيه تحديرات – في "ظروف
أتسمت بانخفاض شديد للرؤية" و في 13 مارس، كتب السيد عبدالعزيز إلى مفوض
الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان يدين ما اعتبر "اغتيالا" ويدعو
الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق في الحادث.).
والملاحظ أن أطوار الحادث وتداعياته تزامنت
بشكل موازي مع التطورات السابقة واللاحقة لزيارة الأمين العام لمخيمات تندوف في 7
مارس 2016.
حياد الأمين العام للأمم المتحدة:
الأمين العام للأمم المتحدة يفرض وجهة نظره
المخالفة لوجهة نظر المغرب والمساندة لجبهة البوليزاريو، إذ يقول في الصفحة 3 : ( وأعربت
عن أسفي لعدم إجراء مفاوضات حقيقية دون شروط مسبقة وبحسن نية من أجل التوصل إلى حل
سياسي مقبول للطرفين، يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره)، إذ أن
الحل السياسي المقبول من الطرفين رهين بشرط متطفل من الأمين العام وهو أن يكون في الأخير حل من أجل الوصول لإستفتاء
لتقرير مصير، كما لو أن الأمين العام
ومبعوثه طرف في المفاوضات.
كما
أن الأسلوب الذي يكتب به الأمين العام للأمم المتحدة تقريره هو أسلوب يعتمد فيه
على نقل ما جاء عل لسان أشخاص في مؤتمرات
ورسائل وبيانات وخطابات لجبهة البوليساريو وحلفائها المعادية للمغرب، وليس على ما
حدث في الواقع ليصبغ به تقريره كما لو أنه هو المتحث.
وكمثال على ذلك في الصفحة 5 : (واتهم
المؤتمر [ الذي نظمته جبهة البوليساريو] في بيانه الختامي المغرب بالتعنت في رفض
استئناف المفاوضات. واعتبر المؤتمر زيارتي المرتقبة إلى المنطقة وتكثيف الجهود من
جانب مبعوثي الشخصي فرصة جديدة، وعبر عن استعداد الجبهة للتجاوب البناء مع هذا
المسعى. بيد أنه نبه أيضا أن تحدي المغرب لمساعي الأمم المتحدة...)
كما
أن الأمين العام للأمم المتحدة يقر في تقريره أن هناك وعد من الأمم المتحدة إلى
البوليساريو بإجراء استفتاء لتقرير المصير، الشيء الذي يجعل أجواء الثقة بين
الطرفين تعرف هوة كبيرة لوجود شروط مسبقة ليس من طرف البوليساريو ولكن من طرف
مبعوث الأمين العام عندما يدعو في تقريره بشكل مبطن على ضرورة إجراء استفتاء
وتقرير المصير، إذ جاء في الصفحة 6: ( ..رحب السيد عبد العزيز بدعوتي إلى
استئناف المفاوضات وبالتزامي بزيارة الصحراء الغربية والمنطقة، ووصف هذه الخطوات
بأنها "تعبير هام عن عزم الأمم المتحدة على إنهاء الجمود الحالي والوفاء
بوعد إجراء استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي"...)
زيارة الأمين العام للصحراء والمنطقة :
ورد
في الصفحة 9 من التقرير: (..وقد يسرت تنقلاتي بدرجة كبيرة بفضل العرض السخي
لحكومة إسبانيا بتوفير طائرة تابعة لسلاح الجو الإسباني لستخدامها في سفري داخل
المنطقة.).
الخطير
في زيارة الأمين العام أن رحلته إلى
مخيمات تندوف كانت عبر سلاح الجو الإسباني، وهو أمر كان على المغرب توجيه شكاية
فيه إلى مجلس الأمن، لأن ركوب الأمين العام للأمم المتحدة وهو في مهمة خاصة بنزاع
بين المغرب والبوليساريو لطائرة عسكرية لدولة كانت طرفا في النزاع مند 1975 ولها
تمثيلية دبلوماسية للبوليساريو في بلادها، ولا تعترف بأن الصحراء مغربية، للنزول
بها فوق أراضي دولة الجزائر التي تحتضن مركز البوليساريو كدولة خصم للمغرب في هذا
النزاع، ليتوجه بعد ذلك مباشرة للقاء الأمين العام للبوليساريو دون لقاء للطرف
الآخر مبرمج في جدول زيارته، يعتبر أمر مستفز للمغرب كطرف في النزاع.
فالأمم المتحدة منذ إنشائها بعد الحرب العالمية
الثانية عملت على توفير ميكانيزمات لوجيستيكية خاصة بهذا الجهاز الأممي، من قبيل
طائرات ومروحيات مختلفة تحمل شعار الأمم المتحدة، تكون رهن إشارة أمينها
العام لتوخي الحياد والتجرد في أداء مهامها وهي تقطع الحدود الجوية للدول، أو تنزل
فوق أراضي سيادة دولة معينة، فلا يعقل
إطلاقا صعود الأمين العام للأمم المتحدة على متن طائرة لسلاح الجو الفرنسي أو
التركي للتوجه لإقليم كردستان شمال العراق، للقاء مسئولين أكراد في مهمة متعلقة
بتسوية نزاع أممي بين النظام السوري وأكراد حول قيام نظام فيدرالي لهم شمال سوريا.
كما
لا يمكن قبول تمويل تنقلات الأمين العام
من ميزانية خاصة لجهاز عسكري لدولة في قضية أممية، إلا إذا كانت منحة
التبرع عامة لصندوق الأمم المتحدة من هذه الدولة، مما يكون معه الأمين العام قد
خالف مقتضيات ميثاق الأمم المتحدة فيما يخص الميزانية ونظام التبرعات الذي يجب أن
يبقى عام وليس خاص بنفقات متعلقة بعمليات محددة.
ملخص
لأخطر ما جاء في تقرير الأمين العام -19 أبريل 2016- عن الحالة فيما يتعلق بالصحراء الغربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق