باسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيد المرسلين، و إمام المتقين، و على من والاه إلى يوم الدين
أما بعد:
مظاهر و تطبيقات التوظيف المباشر في عهد حكومة بنكيران
هذه
قراءة قانونية نقدية لبعض مواد "مشروع قانون إحداث المدرسة الوطنية العليا للإدارة"
مع بسط لبعض مظاهر و تطبيقات التوظيف المباشر في عهد حكومة بنكيران
من أجل أجرأة الدستور
عبر القوانين التنظيمية اللازمة لتفعيل مضامينه و مقتضياته، و من أجل ملائمة
النصوص القانونية القديمة مع مبادئ الدستور الجديد، تقدمت وزارة الوظيفة العمومية
و تحديث الإدارة بمشروع قانون إحداث المدرسة الوطنية
العليا للإدارة (قانون رقم 38.13)، الذي
المنظم للمدرسة الوطنية للإدارة المعتمد حاليا، و الذي مازال يكرس في مقتضياته مسطرة التوظيف المباشر الخاص بخريجي المدرسة الوطنية في المادة 18، و المادة 26 التي تعتبرهم أكثر من ذلك موظفين متمرنين من الدرجة الثانية سلم الأجور 11، تصرف لهم منحة تزيد عن 4000 درهم في الشهر وهم طلاب في المدرسة.
(المادة
2)
-
تقوم المدرسة الوطنية بتكوينات مشتركة مع مؤسسات
تعليمية خاصة بالمغرب أو خارجه بعد التعاقد بينها و بين هذه المعاهد أو المؤسسات، تتوج بمنح دبلوم مزدوج يحمل إسم المدرسة الوطنية؛
الشرعية: مخالفة لمقتضيات الدستور
العلة:
إعطاء إمتياز لبعض المدارس الخاصة غير الحكومية، التي ستتعاقد مستقبلا مع المدرسة
الوطنية و المختارة دون معايير محددة. بأن تقوم هي كذلك بالتوظيف المباشر لخريجيها
على أساس أن الشواهد المزدوجة الممنوحة بعد التخرج تحمل تأشير و إسم المدرسة الوطنية، إذ أن هذه الصفة أو الميزة الممنوحة لهذه الشواهد المزدوجة ستسمح بترتيب نفس
الآثار القانونية الممنوحة لخريجي المدرسة
الوطنية و التي هي إمتيازات غير دستورية كما سنحلل لاحقا، كالتوظيف المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية لحاملي
هذه الشواهد المزدوجة مباشرة بعد تخرجهم دون إجراء مباريات، و هنا
يصبح التوظيف المباشر بعد الحصول على دبلوم المدرسة الوطنية يتعدى نطاقه خريجي المدرسة
الوطنية التي هي مؤسسة عمومية، ليشمل خريجي معاهد و مؤسسات تعليمية فرنسية و كندية.. اخرى متواجدة بالمغرب.
الضرر:
إقصاء خريجي المعاهد الخاصة الأخرى الغير المتعاقدة مع المدرسة الوطنية من إمتياز التوظيف
المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية و لو كانت معتمدة، بل و لوكانت تابعة للدولة. كما
أنه كذلك إقصاء مبدئي غير عادل لخريجي الجامعات المغربية من الحق في التوظيف الباشر بعد تخرجهم من سلك الدراسات العليا المعمقة و الماستر
و الإجازة؛
(المادة 8)
-
المدير العام
للمدرسة الوطنية يعين طبقا للقانون رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا؛
الشرعية: مخالفة لمقتضيات الدستور
العلة:
كون القانون رقم 02.12 حصر لائحة المؤسسات العمومية الإستراتيجة التي يتداول
تعيين أصحاب المناصب العليا فيها بالمجلس الوزاري، و المحددة في الملق رقم
1. كما حصر لائحة المؤسسات العمومية التي يعين
أصحاب المناصب العليا فيها بموجب مرسوم بعد تداول المجلس الحكومي، و المحددة في
الملحق رقم 2
و حيث أنه لا يمكن إضافة مؤسسة عمومية خارج
الملحق 1 و 2 فإنه لا يمكن تبعا لذلك إعتبار
المدير العام للمدرسة الوطنية العليا للإدارة منصبا ضمن المناصب العليا حتى نخضع تعيينه لمسطرة التعيين في المناصب العليا.
توظيف مباشر:
(المادة 18 )
تؤكد هذه المادة على إعتبار الناجحين في الولوج للمدرسة الوطنية بمثابة موظفين متدربين
اثناء مدة تكوينهم بالمدرسة الوطنية، وهو نفس المقتضى المكرَّس حاليا في المادة 26 من مرسوم 2.99.1217 صادر في (10 ماي 2000) المنظم للمدرسة الوطنية.
الشرعية:
مخالفة لمقتضيات الدستور
العلة: معنى هذا أنه ستصرف للطلبة أجور وهم بهذه الصفة أثناء سنوات
التكوين بالمدرسة؛ مع العلم أن طلبة المدرسة الوطنية ليسوا موظفين يخضعون للقانون الأساسي للوظيفة العمومية،
و لا للمرسوم المنظم له؛ و لِعِلّة أنهم لا يؤدون خدمة لمؤسسة عمومية أثناء تكوينهم؛
و لِعِلّة أن المدرسة الوطنية و إن كانت مؤسسة عمومية فهي مرفق عمومي يؤدي خدمات لهؤلاء الطلبة الذين هم مرتفقين
بالمؤسسة العمومية وليس العكس، فأن تصرف عليهم الدولة من ميزانيتها لتكوينهم، تم من ميزانيتها مرة أخرى لدفع أجورهم دون قيامهم بأي عمل، هو مقتضى قانوني مخالف لمبدأ "الأجر مقابل العمل"، وعين الفساد من جهة أخرى؛ فهم طلبة مازالوا في مرحلة التكوين،
فكيف يعقل
إذن أن يعتبر الطلبة موظفين متدربين من الدرجة الثانية في سلم أجور رقم 11 حسب المادة 19 من هذا القانون؟ و كيف أكون موظفا و طالب؟ أو طالبا موظفا ؟ الجواب:
الجواب هو أن تكون أولا في المغرب، وثانيا أن تكون "موظفا شبح"؛
فلكي تتقاضى راتبا من الميزانية الخاصة بوزارة الوظيفة العمومية و تحديث الإدارة بالمغرب يبتدئ من 4000 درهم ويصل إلى أزيد من 7000 درهم شهريا و أنت لاتزال طالب في السنة الأولى من المدرسة الوطنية، ثم يصنف راتبك الشهري هذا على أنه مجرد منحة دراسية، و التي لا يتوفر عليها حتى الطلبة الباحثين في سلك الدكتوراة بالجامعات الأمريكية، لا يجب عليك إلا قراءة المسطرة القانونية التالية كي تعرف كيف :
يتم الترشح لولوج المدرسة الوطنية من طرف طلبة موظفين و غير موظفين؛
بالنسبة للطلبة غير الموظفين يتقاضون راتب شهري كمتصرفين متمرنين من الدرجة الثانية أو الأولى حسب سلك التكوين الذي يتلقون فيه تكوينهم،
أما الموظفون بالإدارات العمومية الذين يتقدمون لمباراة الولوج للمدرسة الوطنية، و الذين هم في الغالب موظفون في سلم الأجور 10و 11، فبمجرد نجاحهم في مباراة الولوج للمدرسة الوطنية أو المعهد العالي للإدارة يتم إدراجهم من طرف الإدارات و المؤسسات التابعين لها في وضعية الموظف "رهن الإشارة"، حيث يحتفظ لهم بمنصبهم المالي رغم أنه منصب شاغر فعليا ،
و كنتيجة لذلك ف(الموظف الطالب) يستمر في تحصيل المرتبات التي كان يتقاضاها بإدارته الأصلية كاملة بإستثناء المكافئات و التعويضات، طبقا للنظام المقرر في المرسوم رقم 2.57.1841 .
هنا تُنتَج أو تتولد لنا حالة ما يعرف بالمغرب بظاهرة " الموظفين الأشباح صنف رقم 3 " التي هي حالة لمنصب شاغر فعليا، لكن مؤشر عليه من طرف وزارة المالية المكلفة بصرف و مراقبة أداء أجور الموظفين على انه منصب يؤدي صاحبه خدمة بحكم الواقع القانوني،
بعد إنتهاء مدة تكوين الموظف الشبح (صنف رقم 3) التي قد تستمر لثلاث سنوات، يوظف بعدها توظيف مباشر في منصب من المناصب العليا الواردة بالملحق رقم 2 من القانون 02.12 المتعلق بالتعيين بالمناصب العليا التي يتداول فيها المجلس الحكومي و التي تزيد عن 70 منصب عالي.
فلكم ان تتخيلوا مدى الإحساس بحب الوطن و الرضى الذي يشعر به الموظف الشبح من هذا الصنف إتجاه وطنه، و قد نفهم الآن كيف أن المغرب أجمل بلد في العالم بالنسبة لهؤلاء الوطنيين المغاربة، و لكم أن تتخيلوا كيف يصعب القضاء على الموظفين الأشباح بالمغرب، بما فيهم (الصنف رقم 2 و 1) الذي لم و لن نذكره، فهذه المسطرة القانونية هي ضمن الوثائق الخاصة بشراء السِلم الإجتماعي، وتحضى بشرف " السر المهني"، لكن مازال أثرها في الأرشيف الوطني .
(المادة 19)
تنص هذه المادة على أن خريجي المدرسة الوطنية
يعينون مباشرة بعد تخرجهم في المناصب الشاغرة بالمؤسسات العمومية بموجب نص تنظيمي.
( للإشارة فغالبا ما تكون إجراءات التعيين المباشر دون إجراء مباريات للخريجين من المدرسة الوطنية و المعهد العالي للإدارة، في شكل منشور يوجهه وزير الوظيفة العمومية إلى عموم الوزارات، لتراسله حول المناصب
الشاغرة التي يتم تعيينهم بها ) يمكنكم الإطلاع على نموذج من ذلك:
هذا نموذج
يعود لسنة 1992، فلم تعد الأمانة العامة للحكومة تنشر هذه المناشير منذ تقرير البنك
الدولي حول الادارة المغربية لسنة 92 الذي إنتقد عمل الحكومة في تدبير الوظائف، حيث أوصى بإلغاء التوظيفات الآلية، و في نفس السياق
كانت الأوامر المدرجة بالتقويم الهيكلي، إلا أن الأحزاب السياسية المتناوبة على السلطة منذ ذلك الوقت إستمرت في سياستها
المتعلقة بالتوظيف في المناصب العمومية، و سحبت أي اثر للنشر الإستباقي للوثائق التي
تثبت ذلك، بإعتماد رسائل تحظى بالكتمان.
فإستعمال صياغة غير صريحة و واضحة في معناها الحقيقي كالصيغة
التالية الواردة بالمادة 19 من مشروع القانون : ( يوظف و يعين الخريجون الحاصلون على دبلوم المدرسة، المرتبون حسب الإستحقاق وبناء على طلبهم، في بعض الهيئات العليا للوظيفة
العمومية، و ذلك إستثناء من شرط مباراة ولوج هذه الهيئات...) بدل الصياغة التالية : (يوظف مباشرة الخريجون الحاصلون على دبلوم المدرسة في الهيئات العليا للوظيفة العمومية.) إنما يؤكد على أن واضعوا هذا القانون كانوا على علم بأنهم يقومون بصياغة مقتضيات قانونية غير دستورية؛
فعبارة إستحقاق الواردة بهذه المادة و التي توحي بأن معناها هو المباراة، هو تفسير غير صحيح يتبادر إلى الذهن نتيجة المغالطات المفاهيمية التي روجت لها حكومة بنكيران حول هذه المفردة الوارد بالفصل 31 من الدستور -(ولوج الوظائف العمومية حسب الإستحقاق)- ، وذلك عندما أُوِّلت على أن المقصود منها هو المباراة
لكن في مقامات و تطبيقات اخرى لعبارة إستحقاق مثل هذه الواردة بالمادة 19 من مشروع قانون إحداث المدرسة الوطنية العليا للإدارة، يعطى لها تفسيرها و مدلولها السليم و الصحيح المراد تزليه بها على ارض الواقع، و البعيد كل البعد عن معنى مباراة. و الذي أشارت إليه العبارة بعده بالقول: "و ذلك إستثناء من شرط مباراة ولوج هذه الهيئات" وهي عبارة بمفهومها المخالف تعني؛ " وذلك عن طريق التوظيف المباشر"
هذا المقتضى الغير دستوري بالمرّة و المكرس حاليا في المادة 18 من مرسوم 2.99.1217 صادر في (10 ماي 2000) و الذي من
الفروض و الواجب ان يُضمَّن بالمادة 19 من هذا المشروع بشكل موافق لدستور 2011، تم التمهيد له قبل سنتين، و ذلك في قانون النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي عدلته حكومة
بنكيران في 19 ماي 2011 (قانون 50.05) الذي أدرجت فيه بالفقرته الثانية من المادة
22 الصياغة التالية: ( و تعتبر بمثابة مباراة،
إمتحانات التخرج من المعاهد و المؤسسات المعهود إليها بالتكوين حصريا لفائدة الإدارة.
) مع العلم أن الفقرة الأولى قبل هذه من نفس
المادة 22 تستدل و تستند عليا حكومة بنكيران في مقامات و نوازل أخرى لمنع التوظيف المباشر
لخريجي الجامعات الوطنية ( قضية محضر 20 يوليوز ) ، هكذا تكون الفقرة الأولى من
المادة 22 من القانون الأساسسي للوظيفة العمومية تؤول و تفسر على أنها تمنع التوظيف
المباشر، و الفقرة الثانية من نفس المادة تعطي الحق بالتوظيف المباشر لخريجي
المدرسة الوطنية للإدارة، في مظهر سياسي يعبر عن قمة الطرائف الساسية، و قمة
الإجحاف و الميز الحقوقي، بل عن سوء نية كانت مُبيَّتة من قَبْل رصدت لهذا التظليل التشريعي.
فمن سخرية
القدر، أنه في فقه القانون عندما يتم رصد أو إستنتاج وجود تناقض
قانوني؛ بين مقتضيين
قانونيين أحدهما يعطي الحق و الآخر يمنعه، في زمن واحد و على محل واحد، فإن ذلك غالبا
ما يكون في قانونين مختلفين، أي أن يكون المقتضى الأول في قانون و نقيضه في قانون آخر، أما أن يحصل ذلك في مادة واحدة على فقرتيين متتاليتين
تؤولان و تفسران بشكل متناقض فيما بينهما، فإننا نسجل هنا زمن الإنحطاط التشريعي في المغرب مع نواب المعارضة و وزراء الحكومة الحالية.
و المساطر القانونية الخاصة بالتوظيف
المباشر و التي تم سنها في عهد هذه الحكومة لم تقرر فقط في المادة 19 من مشروع
قانون إحداث المدرسة الوطنية العليا للإدارة، و المادة 22 من القانون الأساسي
العام للوظيفة المعدل (قانون رقم 50.05)، بل نجد كذلك المرسوم رقم 2.11.473 الذي تم إصداره بالجريدة الرسمية بتاريخ (26 سبتمبر 2011) من
طرف الأمين العام لحكومة بنكيران، و الذي سبق أن تم إعداده من طرف حكومة عباس الفاسي. و المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بكتاب الضبط و
النتدبين القضائيين و المحررين القضائيين بالمحاكم المغربية، حيث جاء في المادة 24
المدرجة بالفرع الأول الخاص بتوظيف المنتدبين الفضائيين الصيغة التالية:
(... يوظف
المنتدبون القضائيون من الدرجة الثانية:
1- من خريجي:
- السلك العالي في التدبير الإداري للمدرسة
الوطنية للإدارة
- المعهد العالي للإدارة [ أي أن هؤلاء الخريجين
يوظفون توظيف مباشر recrutement direct ، ]
2- بعد النجاح في المباراة تفتح في وجه المترشحين الحاصلين على:
...
- شهادة الماستر
او الماستر المتخصص في العلوم القانونية أو الإقتصادية او الإجتماعية أو التدبيرية
أو في الشريعة؛..)
و كما يُلاحَظ تم تقسيم الأشخاص المفتوحة في وجههم
المباراة بهذه المادة إلى فئتين: الفئة الأولى من خريجي المدرسة الوطنية و المعهد
العالي للإدارة، حيث لم يشترط لتوظيفها سلوك المباراة، فجاءت الفقرة الخاصة بهم
هكذا: 1- من خريجي (أي مباشرة بعد تخرجهم ) وفئة خريجي الجامعات المغربية
التي جاءت هكذا: بعد النجاح في المباراة . فعندما تفتح مباراة لتوظيف
المنتدبين القضائيين على سبيل المثال، و يخصص 300 منصب، وجب الفهم أن الفئة التي
تتبارى على المناصب لا تتبارى على 300 منصب و إنما على ما تبقى منها بعد خصم عدد
خريجي المدرسة و المعهد منها. و قد يصل عددهم إلى 200 خريج في بعض السنوات.
كما أن حكومة بن كيران إستمرت في تطبيق مسطرة
التوظيف المباشر، التي كانت معتمدة في الحكومات السابقة، بل و خارج أي نص قانوني، وذلك عبر قرارات تضم لوائح بعض
الخريجين من الجامعات المغربية تم إختيارهم بناء على معايير لا يعرفها إلا من
قاموا بهذه التجاوزات القانونية، و هي لوائح موجهة إما من طرف رئيس الحكومة نفسه
أو من طرف وزير الوظيفة العمومية و تحديث الإدارة إلى مجموعة من الوزارات من أجل
تعيينهم في المناصب الشاغرة بصفة مباشرة، من ضمنها:
- رسالة موجهة من رئيس الحكومة عبد الإله
بنكيران إلى و زير التربية الوطنية "الوفا" بتاريخ 21/12/2011 رسالة عدد (02428) يلزمه فيها
بتوظيف 166 إطار توظيفا مباشرا،
يمكن
الإطلاع على نص القرار الحكومي بالتوظيف المباشر الصادر من رئيس الحكومة عبد الإله
بنكيران على الموقع التالي:
هذا وكما هو مسلم به لدى فقهاء القانون و المهتمين بخبايا المؤسسات العمومية بالمغرب، فهناك مؤسسات عمومية تابعة للدولة في تسييرها و إمتلاك رأس مالها، إلا انها منظمة بنصوص قانونية خاصة بها، أي أن موظفيها لا يخضعون للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، لكن حسب وجهة نظرنا المتواضعة، وجب خضوعها لمرسوم 2.11.621 الصادر في 25 نونبر 2011 الخاص بتحديد شروط و كيفيات إجراء المباريات، و لمنشور رئيس الحكومة المتعلق بكيفية تنظيم المباريات ، طالما أنها مؤسسات عمومية وطنية، إلا أن ذلك لا يتم، وهو نظام عبتي في تدبير الموارد البشرية بالمؤسسات العمومية مكرس منذ عقود، إذ أن مسطرة التوظيف تتم بطريقة آلية بناء على إنتقاء يخضع لسلطة المدير العام للمؤسسة، أو المكتب الوطني، أو الوكالة، يختم بالتوقيع على عقد شغل بين الموظف و المؤسسة، في تجسيد آخر للتوظيف في مؤسسات الدولة دون إجراء مباريات، إن لم نقل عنه كذلك توظيف آلي أو مباشر، و هو منظم ب منشور رقم 22-61 الصادر في 7 غشت 1961 حول التوظيف بالعقد
و أين هم اعضاء جيش التحرير و قدماء
العسكريين وقدماء المحاربين، الذين يحظون بالأولوية في التوظيف، أليسوا رفات، و ما معنى أن يرث أحفادهم هذا الإمتياز، أليست هذه عدم مساواة تلك المكرسة في مثل هذه القوانين
- فهل صحيح أن أزيد أزيد من
100 نائب برلماني لم ينتبه لعدم دستورية
هذه القوانين وضرورة العمل على ملائمتها مع الدستور الجديد !!،
- هل صحيح أن أعضاء لجنة العدل و التشريع بمجلس النواب لم يروا فيها تطبيقا من تطبيقات
اللامساواة بين المتبارين المنصوص عليها في الفصل 31 من الدستور!!،في ظل الدستور الجديد
- و هل صحيح أن الأمين العام للحكومة المعين
على رأس الأمانة العامة للحكومة، قد قام بالتأشير
على هذه القوانين و نشرها في الجريدة الرسمية بعد التثبت من دستوريتها و عدم تعارضها مع
مقتضيات أخرى قبل ان يقوم بنشرها!!،
- هل صحيح أن لجنة العدل و التشريع بمجلس النواب لم تتوصل من أي جهة بمشاريع قوانين لتعديل مثل هذه القوانين !!.
- هل صحيح أن
السادة قضاة المحكمة اللإدارية لم يعرض عليهم أي نزاع أثناء نظرهم في قضية معينة يدفع فيه أحد الخصوم بعد دستورية القانون المستند عليه، لكي يقومون بإحالته على المحكمة
الدستورية المختصة بالبت في النزاعات المتعلقة بدستورية القوانين !!،
نعم
أعزكم الله، هكذا إكتسبت الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية
وغيرها من المقتضيات القانونية و القرارت مشروعيتها
في التوظيف المباشر. لكن لغير الأطر
العليا المعطلة خريجة الجامعات المغربية .
فهذا المقتضى
الوارد بالمادة 19 من القانون المحدث للمدرسة
الوطنية العليا للإدارة، هو
بشكل ضمني يَعتبر أن إمتحان التخرج المتوج بدبلوم المدرسة الوطنية هو بمثابة
مباراة للتوظيف تم إجتيازها بنجاح من طرف المتباري. !!
فالشرعية: مخالف لمقتضيات الدستور
و العلة:
أن إمتحانات الولوج للمدرسة الوطنية
لا يتم الإعلان عنها بالموقع الرسمي للوظيفة العمومية www.service-public.ma حتى يعلمها الجميع، و بذلك فهي حسب الإعتبار التشريعي ليست مباراة.
إن إمتحانات تخرج طلبة المدرسة الوطنية،لا تخضع
لمنشور رئيس الحكومة المتعلق بكيفية تنظيم المباريات، و لا للمرسوم 2.11.621 الصادر
في 25 نونبر 2011 الخاص بتحديد شروط و كيفيات إجراء المباريات، لذلك فهي ليست مباراة
بمفهوم الفقرة الثانية من المادة 22 منالقانون الأساسي للنظام العام للوظيفة العمومية،
فكيف بمنطق
العدالة و سمو الوثيقة الدستورية، أن يتم توظيف خريجي المدرسة الوطنية مباشرة في أسلاك
الوظيفة العمومية، أليس هذا متعارض مع الفصل 31 من الدستور المغربي ؟؟
و كيف لهم كذلك بالإضافة إلى توظيهم مباشر
بعد التخرج أن يستفيدوا من أقدمية إعتبارية مدتها أربع سنوات، و أقدميتهم الفعلية لم تتجاوز
يوم واحد.؟؟
إن هذا الإمتياز الفريد الذي تحظى به المدرسة
الوطنية و المعهد العالي للإدارة دون غيرها، هو تبخيس و إهانة لمؤسسات الدولة الجامعية التي تضم أساتذة جامعيين أكفاء، و يتخرج منها خيرة أبناء الوطن، عندما تصبح الشواهد المحصلة من الجامعات المغربية في
وضع إعتباري أقل قيمة من المدرسة الوطنية و المعهد العالي للإدارة، التي لا تعترف بمعادلتها لها،
إن فلسفة المدرسة
الوطنية المحدثة سنة 1948 من طرف جلالة المغفور له الملك محمد الخامس طيب الله ثراه،
كان الهذف منه تزويد الإدارات العمومية بأطر مؤهلة لمواجهة الفراغ الذي خلفه رحيل الموظفين
الفرنسيين بعد استقلال البلاد، أما و أنَّ أسباب نشوءها التي قامت عليها زالت و أصبحت تحكمها
اليوم مقتضيات دستورية مخالفة لها، فإنه وجب إما إلغائها، أو دسترتها.
السلام عليكم و رحمة
الله
*و من يتق الله يجعل
له مخرجا* صدق الله العظيم