الأربعاء، 12 فبراير 2014

هذا ما صار

باسم الله الرحمان الرحيم.

* هذا ما صار *
كل ما قيل تنديدا بمنظومة مسار هو صحيح، و كان من المفروض تأييده، فالأطفال التي خرجت تهتف" الكسول في خطر " كانت على صواب بفطرتها البريئة، لأن الحياة التكاسلية - إذا صح التعبير - للكسول في خطر حيث هي إلى الزوال نحو الأحسن، 

أما كون عدم إعتماد مقاربة تشاركية في مناقشة آليات و إستراتيجية تنزيل المنظومة فهو أحد المبررات السلبية لتفهمي أنه لا يوجد ما يحصى من سلبيات على البرنامج في حد ذاته، فلو قمت بشراء جهاز حاسوب متطور و قلت لك ما رأيك ثم أجبت أنا اعارض لأنك لم تستشرني في شرائه، فسأفهم أن جهاز الحاسوب المتطور هذا أعجبك أو بالأحرى أعجبتك فكرة شراء الحاسوب المتطور.

أما كونك لا تجيد إستعماله في إشارة لضعف التكوين المعلوماتي للأساتذة المقبلين على إستعماله، فمنظومة مسار ليست هو كشف النقط و الجدولة الزمنية للفروض و الإمتحانات و أوقات الدراسة و ضبط الغياب على شبكة الأنترنت. و إنما منظومة مسار هي كذلك منظومة مركبة على مراحل بدورات تكوينية للأطر التربوية و الموارد البشرية في الوظيفة العمومية بصفة عامة، عبر برامج موازية (استعمال تكنولوجيا التواصل الحديثة بالقطاع العمومي) و المقررة من طرف وزارة الوظيفة العمومية و تحديث الإدارة في إطار منهجية متناسقة بين الوزارات و إلتقائية السياسات العمومية، فتكنولوجيا المعلومات والاتصال رافعة أساسية لتحديث القطاع العمومي، فأمام محيط يعرف تحولات متواصلة وإكراهات مختلفة، تجد الإدارة نفسها، بكل مكوناتها، مدعوة إلى التلاؤم مع هذا السياق وإلى تبسيط المساطر لإنجاح مشروع التغيير الذي تحدثه الوسائل التكنولوجية في أفق إقرار إدارة الكترونية.

كما أن إدراج هذه الوسائل، قد ساهم في إحداث تغييرات ايجابية على العلاقة بين الإدارة والمتعاملين معها، 

وهذه الدورات التكوينية لا بد منها للأطر التربوية حتى لو كانو خبراء معلوميات، لأن المسألة مرتبطة ببرمجة تقنية خاصة ببيداغوجية التعليم، لها أهدافها و مسارها الخاص، تتطلب عروض لشرح كيفية العمل على برنامج مسار المعلوماتي. كما أنه يكفي أن تكون لك لمحة في المعلوميات لتستوعب إجراءات التدوين و الجرد للمعطيات الخاصة بالتلميذ على جهاز الحاسوب.

صحيح على أن عدم إشراك هيئات المجتمع المدني المهتمة بمجال التعليم بالمغرب و الأطر التربوية المحترمة في إعداد و مناقشة البرنامج هو خطأ تدبيري ينم عن مقاربة تقليدية للوزارة في تنفيذ برامجها بل ينم عن بدائيتها. و دليل حي و ملموس كذلك عن عدم إستوعابها بعد لمبادئ الحكامة المتمثلة في التشاور و المشاركة و الشفافية و المراقبة و المساواة و المسؤولية... 

ليس التنزيل المتسرع للبرنامج خطأ بنيوي لا يمكن تداركه لنستند عليه و نحكم بعدم فعالية البرنامج برمته، إذ يمكن توقيفه و إعادة فتح نقاش جديد يحترم مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير السياسات العامة قبل إعادة إعتماده. كما يمكن الإستمرار بالعمل به و فتح أوراش للحوار و التفاهم مع الفاعلين و الشركاء في القطاع التربوي لتطويره و تصحيح إختلالاته، كما يمكن تنفيذه على مراحل كتجربة أولية في المدن الحظرية على ان يتم تعميمه مستقبلا على باقي المناطق القروية التي تعرف بنية تحتية غير مؤهلة لمثل هذه البرامج. 

كما أن منظومة مسار ليس بديل للبرنامج التقليدي يلغيه و يحل محله، بحيث يمكن لمن لا يرغب فيه أن يخصص شيئا من وقته و بطريقته لمراقبة المسار التعليمي لأبنائه بالطرق التقليدية.

فعلى الرغم من أننا نمقت كثيرا من هذه الحكومة نبقى موضوعيين و متجردين من الإنتماء، فنستحسن الإصلاح حيث ما كان، و نحارب و نفضح الفساد حيث ما إختبأ، 

وبدون مجاملة فوزارة التربية الوطنية في حكومة الشباب الموازية مع الحراك الوطني دفاعا عن حق الأساتذة بكامل ملفهم المطلبي دون إستثناء. و دفاعا هذه المرة عن المستقبل الرقمي للتلميذ. 

و نتفق على أن "منظومة مسار" ليست برنامج إصلاحي لمنظومة التعليم بالمغرب، لكن أكيد برنامج نتقدم به إلى الأمام هروبا من الفشل ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق