الخميس، 16 يناير 2014

جوهر المفتشية العامة للمالية

باسم الله الرحمان الرحيم


     جوهر المفتشية العامة للمالية




- هي هيئة لا إختصاص حقيقي لها في مراقبة المالية العامة للدولة، بل إن الظهير المنظم لإختصاصاتها الصادر في 14 أبريل 1960 حصر مهامها في التسيير دون التدبير، و حتى هذه الصلاحيات على قلتها افرغت من محتواها بعدما تقرر تخويل مفتشيها إمكانية ممارسة بعض المسؤوليات داخل دواليب الإدارة العمومية وشبه العمومية، و هنا يطرح السؤال: من سيارقب عمليات التسيير التي تقوم بها المفتشية نفسها. فمن سيراقب من.؟

- تدخلات المفتش العام للمالية تخضع لبرنامج سنوي يعد مسبقا يطلع و يصادق عليه وزير المالية، و هذا البرنامج الذي يضعه المفتش العام يتعلق بالمقترحات الخاصة بتحديد عمليات التدقيق المالية لمختلف المصالح الخارجية للوزارات الأخرى، و الملاحظ هنا أن إطلاع وزير المالية على برنامج العمليات المتعلقة بخارطة التفتيش للمصالح الخارجية للوزارات التابعة لوزراء ينتمون لنفس الحزب الحاكم بما فيهم وزير المالية، هو ضرب في الصميم لقاعدة السرية التي تعتمد عليها المفتشية العامة للمالية كأسلوب لمباغثة المفسدين و المتلاعبين بأموال الدولة.
كما يجعل المفتشية العامة للضرائب في حرج كونها مؤسسة تجمع بين سلطتين في تجسيد لا ديمقراطي لفصل السلط في إدارة الدولة: ( سلطة شبه قضائية ) بإنجاز أحكام تمهيدية بعد عمليات المراقبة، و (السلطة التنفيذية) نظرا لإعطائها الإختصاص للقيام ببعض أعمال التسيير  في برامج قطاعية و بتبعية لوزارة المالية.

-
هكذا تطبق نظرية "مونتسكيو" عن حق بفصل السلط الثلاث في الأعلى (من فوق)، على  أن تلتقي فيما بينها في الأسفل (من تحت).

- و مخافة أن تحسب هذه التجاوزات على انها حدتث في عهد الحزب الفلاني الحاكم الذي كان مؤتمرا و مؤتمننا على هذه الأموال، فإن وزير المالية لما له من سلطة على المفتشية العامة، كان يجد نفسه في كل الحكومات الديمقراطية السابقة مضطرا بإعمال أخلاقه الحزبية و ليس الوطنية فيما يخص المؤسسات العمومية أو وكالات التنمية التي يترأس مجلسها الإداري رئيس الحكومة أو وزير معين . و بهذا التحليل نكون أصدقائي المساكين وفقنا إلى حد ما في إيجاد الإشكالية و الكشف عنها، بمناسبة البحث عن أسباب عدم نشر تقارير "هذا الذي إسمه هكذا و هو ليس كذلك".


- تنحصر مهمتها في إظهار التجاوزات و الإنحرافات حول تجاوز السلطة و إبداء الملاحظات فقط، فتقاريرها لا تتمتع بالقوة اللازمة من قبيل نشر تحقيقاتها على العموم عبر وسائل الإعلام أو عرضها على البرلمان لمناقشتها و طرح الأسئلة حولها، أو إحالتها على القضاء للتحقيق فيها، وهذه السرية المفروضة على تقارير المفتشية العامة للمالية تجعلها عديمة الفعالية في فضح المفسدين، سرية تؤول على أنها مظلة للفساد. 

-
لكم أن تفهموا كيف أن برنامج المراقبة هو برنامج مفضوح، وكيف ان تقارير الفساد تحظى بالكتمان.

- من يقوم بصياغة هذه النصوص المحبوكة هكذا في المغرب؟ ما الدافع لذى النواب في الغرفة الأولى و الثانية  لكي يصادقوا على مثل هذه النصوص؟ 


- عفوا، لكن من يضغط على النواب في الغرفة الأولى و الثانية منذ 1960 و 2006 كي لا يقوموا بتعديل هذا المظهر من مظاهر الفساد التشريعي في المغرب. أم أن الدستور نص على ربط المسؤولية بالمحاسبة و ضمن عدم المساس بمثل هذه الحقوق و المبادئ و كفى..، أم هكذا سنطبق نظرية "مونتسكيو" بفصل السلط الثلاث في الأعلى (الدستور)، على أمل أن نلاقي فيما بينها في الأسفل (القانون).

- هذه المؤسسة تحتاج إلى تغيير النص القانوني المنظم لها، و ذلك 
بمراجعة الظهير الشريف المنظم لها، و كذلك النظام الأساسي للموظفين الذي صدر في يونيو 2004 و عدل في ماي 2006، و  هي توصية على أمل إستقلالها أولا عن وزارة المالية، و تطوير أساليب وطرق عملها ثانيا.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق