باسم الله الرحمان الرحيم
"الحكامة" المفهوم اللغز
مفهوم الجهوية في الوقت الراهن غير واضح الدلالة. فكلما تعمقت في قراءة المواضيع المتعلقة ب"الحكامة المحلية"، "الجهوية الموسعة"، "اللمركزية الجهوية"، يزداد اللبس في الفهم العميق لهذه المبادئ و الهدف العميق المتوخى منها.
مثلا يقول كاتب مقال: 1- (.. وجب تعزيز اللامركزية من خلال توسيع صلاحيات عامل العمالة و والي الجهة..)؟!
2- و نذكر أن المغرب تبنى خيار "الحكم الذاتي" الذي سيكون بناء على نهج "حكامة محلية "بغية الوصول إلى "ديمقراطية محلية " قابلة للتنفيذ في الأقاليم الصحراوية المتنازع حولها-يعني كحل لإنهاء النزاع السياسي في الصحراء المغربية- و هذا كلام مفهوم، لكن التقسيم الجهوي في المغرب قسم الصحراء إلى جهتين: جهة العيون - الساقية الحمراء و جهة الداخلة - وادي الذهب، فهي ليست جهة واحدة لتشمل تنزيل موحد للحكم الذاتي.!
3- كما ان إختصاصات رئيس المجلس الجماعي في إعداد مخطط التنمية للمناطق الواقعة في الدائرة الترابية له حسب ما هو مقرر في المادة 36 من الميثاق الجماعي 08-17 يجعلك تفكر كيف سيشتغل رئيس الجهة على إعداد برنامج التنمية للجهة التي يرأسها و التي يقع مجالها الترابي داخل المجال الترابي لسلطة المجلس الجماعي الذي يعد بدوره مخطط إستراتيجي للتنمية.
4- في مقال آخر يقول صاحبه: ..(ندرة الموارد المالية و قلة الثروات المحلية لبعض المناطق أدى بها إلى تبني خيار الجهوية كمفتاح حقيقي و خيار حتمي لمتطلبات التنمية!..) لكنك إذا كنت تعاني ضائقة مالية أو عجز معين فإن الحتمية تقودك للتمركز بالتقرب من أبيك او امك أو أقربائك أو مصادر رزقك التقليديين فأنت ببساطة بتسعى للتمركز و ليس إلى اللاتركيز بالإستقلال المالي و التدبير المستقل، فالجهة التي تعاني مشاكل إقتصادية تتطلب تدخل مركزي سواء في مساعدتها على إعداد برامج لتخطي المشاكل، أو تقديم دعم مالي أو مساندة بأطر تابعة للإدارة المركزية ذات كفاءة من أجل تدبير مشاكلها، و ليس الحل هو الجهوية التي نعرف أنها مرحلة متقدمة من اللامركزية و التي يدعوا الكل بضرورة تخطي مشاكلها التنموية بالزيادة في الموارد المالية المخصصة لها من طرف الدولة. كما ان هناك من يدعوا إلى حد تضمين الميثاق الجماعي بند ينص على حد ادنى من الكفاءة العلمية في التدبير لدى المنتخب المحلي، وهذه التوصية هي إشارة غير مباشرة من أصحابها بكون قادة الجهة في حاجة إلى من يسيرهم من المركز بعلة قلة الكفاءة لديهم، فكيف ستكون الجهوية حسب هذه القناعة مفتاح و خيار حتمي لتخطي مشاكل الجهة.
5-نظام الجهوية المعتمد في إسبانيا الذي يعتبر مثال و نموذج يحتدى به للإزدهار الإقتصادي و نقدمه نحن عن خطأ كذليل على اهمية تبني النظام الجهوي بالمغرب، لم يأخد به الشعب الإسباني كمفهوم ل"اللامركزية" عند دسترته لنظام حكمه، و إنما إستخدمه بمفهوم "الحكم الذاتي" كنظام لتدبير الجهات.
6- هناك مقال آخر يتحدث صاحبه عن إشكالية مفهوم الحكامة، و أنك إذا قلت (الحكامة) مجردة من أي صفة فهي ليست قولك (الحكامة الجيدة) التي لها مدلول آخر. و يضيف: ( ويعرف الدارسون والخبراء والمختصون هذا المفهوم بأنه تعبير عن ممارسة السلطة السياسية وإدارتها لشؤون المجتمع وموارده المادية والمالية والبشرية الخ. ولكن تجدر الإشارة، في هذا الصدد، إلى أن هذا التعريف قديم؛ لأنه يركز ويدل فقط على آليات ومؤسسات تشترك في صنع القرار، الشيء الذي جعل هدا التعريف يطرأ عليه تطور بحيث أصبح مفهوم الحكامة يعني حكم تقوم به قيادات سياسية منتخبة وأطر إدارية كفأة لتحسين نوعية حياة المواطنين وتحقيق رفاهيتهم، وذلك برضاهم وعبر مشاركتهم ودعمهم ).
7- هناك من يقول أن: ( الجهوية الموسعة حلا لإشكالية الحكامة الجيدة ) فإذا كانت "الحكامة المحلية" =(تساوي)= "الجهوية الموسعة" فإنه قياسا على ما قيل تعتبر ( الحكامة المحلية حلا لإشكالية الحكامة الجيدة ) و هذا يعني أن الحكامة المحلية ليست هي الحكامة الجيدة في تدبير شؤون الجهة، و هذا تحليل يصيبك بالدوار. كما ان هناك توصيات أممية تدعوا إلى حكامة جيدة في تدبير الشؤون المركزية للسلطة التنفيدية، فما علاقة الجهوية الموسعة في حكامة تدبير جيدة لإختصاصات مركزية.
8- إذا كانت "الحكامة الجيدة" التي نراهن عليها لحل مشكل التنمية بالمغرب هي نفسها "إشكالية " أليس هذا معناه (كون كان لخوخ إيداوي كون إيداوي راسو). إذ كيف نتبنى خيار الحكامة الجيدة المنصوص عليه دستوريا و هو في ذاته مفهوم لم نحسم بعد في ماهيته.
ع.ع.ش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق